Saturday, June 14, 2008

لليوم فقط


أولى خطوات التغيير الذي ننشده ، أن نعترف بأن حياتنا غير قابلة للإدارة بهذا الشكل ، وبناء عليه ينبغي أن أسعى لتغيير ذلك السلوك ، ولمن مر بتجربة التغيير سيكتشف أن من أصعب مراحل التغيير ، تلك المرحلة التي أقرر فيها التوقف عن ممارسة سلوك ما ، فمدمن المخدرات يشعر بالرغبة في التعاطي أو ما نسميه" الشعوذة" ، وليست الشعوذة قاصرة على المخدرات فقط ، بل يمكن التعبير من خلالها على حالات عدة، فعندما نقرر إنهاء علاقة غير صحية في حياتنا ، سيصاحبنا ذلك الشعور بالشعوذة ، وسنفسره بمسميات عدة ، اشتياق أو حب أو حنين.


من خطوات التبطيل الناجح ، أن نقرر أنه لليوم فقط سأتوقف عن التعاطي، لن أفكر في الغد ، سأضع كل قوتي لتساعدني على التبطيل لليوم فقط .

سأستيقظ فى الصباح لأدعو الله أن يمنحني السكينة والصبر لملاقاة شعوذة هذا اليوم ، ويمنحني القوة للمواجهة .

ولمن لديه خلفية عن فكرة المجتمعات العلاجية والتعافي سيكتشف أهمية هذا المبدأ في تبطيل العديدين لسلوكيات خطرة .

كل منا لو فكر لدقيقتين في سلوكياته ، سيخرج ببعض منها ينوى تغييره ، لو نظرنا لمدة أطول في علاقاتنا سنجد فيها ما يستحق التغيير بالفعل .

أطبق مبدأ لليوم فقط في كثير من أحداث حياتي ، عندما أشعر بتراكم الأشياء والعجز حيالها ، أسعى لتقسيمها ، ومواجهة كل منهم ، أكبر عجز واجهته فى حياتي ، هو ما أواجهه هذه الأيام أمام رسالة الماجستير وضيق الوقت ، وضعف الهمة ، لكنني أقسم الفصول والصفحات وأقول لنفسى لليوم فقط سأنجز ، سأستمر لليوم فقط ، لن أفكر في الغد كثيرا .. وهكذا أفعل فى الغد .

أمارس ذلك أيضا في بعض السلوكيات الأخرى والتى تتخذ طابع الادمان ، تصلح هذه القاعدة جيدا فى العلاقات التي نريد أن ننهيها ولا نستطيع ، واجه شعوذتك بافتقاد الشخص ، أنت لن تهاتفه لليوم فقط ، ستقطع علاقتك به لليوم فقط .

أعرف أن المسألة ليست بتلك السهولة ، وخاصة في العلاقات والإدمانات ، وسأتحدث عن عنصر آخر مهم ومساند لنا فى ذلك التعافى الذى نريده وهو ان تتصل بصديق مساند تحكى له عن مدى افتقادك اطلب منه أن يساعدك ويذكرك بمبدأ اليوم الواحد .

أعرف أن كل منا لديه شيء يريد تغييره ، أعرف صعوبة ذلك ، علمتنى الخبرة فى مجال الإدمان بشكل عام والمجتمعات العلاجية بشكل خاص فائدة العلاج الجمعي ومجموعات المساندة التي سأتحدث عنها فيما بعد ، لذا أفكر فى تكوين مجموعة من الراغبين فى التغيير والمساندة ، نساند بعضنا على التغيير ، أحلم بمجتمع يسعى للتعافي ، ليس شرطا ان اعانى من الإدمان والسلوكيات الخطر لأحضر تلك المجموعات ، أتمنى أن تسمح هذه المدونة بشيء من التواصل فيما بيننا ، ونستطيع أن نكون حركة للتعافي .


Tuesday, June 3, 2008

موعد مع النفس

لم أكن أنوى مواعدة نفسي أمس ، لم يكن ذلك ضمن البرنامج الطويل الذي أعددته لأربع ساعات سفر بالقطار إلى المنيا ، لكن الصمت والخضرة الممتدة على الطريق الزراعي أجبراني على مواعدتي.

سعدت للغاية وقررت أن أكتب عن مواعدة النفس ، لكنى أعلم أنني أصبح أكثر سعادة في تلك المرات التي أقرر فيها الانسحاب من ذلك العالم الصاخب واللجوء غلى مكان أحن إليه ويدفعني للقاء نفسي.

دوما جامع الحاكم بأمر الله بالحسين هو المكان الذي يدفعني لذلك ، اذهب إلى هناك مخلصة النية للتغيير الحقيقي.

اكاشفنى بقدر من الجرأة والمسئولية – الجرأة في الكشف عن كل شيء ، والمسئولية في تحمل تبعات التغيير .

أن تواعد نفسك معناه انك ستتخفف من ثقل ما تحمل ، ستلقيه في مكان ما وتبدأ من منطقة جديدة .

كما أقول لاصدقائى واذكر نفسي عندما نصاب بالإحباط " نقطة ومن أول السطر" تعيدني هذه الجملة دوما إلى حالة من الأمل – عندما تظلم الدنيا وتبدأ الأشياء في التكدس ، واشعر بتراكم كل ذلك ، انسحب ، اذهب إلى هناك وحدي للقياى، للبحث عن أول السطر .

أسامح نفسي على كل أخطائها ، مؤمنة باننى ما زلت قادرة على المزيد.

لست مؤمنة بمقولة "من فشل مرة سيفشل مرتين" ، الفشل يعنى خبرات تتراكم لتدفع بالنجاح .

نحتاج دوما للتفاؤل مما سوف سياتى ، وبقدرتنا على المواصلة ، لكننا يجب ألا نفرط في ذلك التفاؤل ، بحيث يصبح الفشل المتراكم خبرات لا نهائية ولا تؤدى لشيء – هنا يجب أن نتوقف لنراجع أنفسنا .

أحاول في هذه التدوينة إلقاء الضوء على متغيرين في غاية الأهمية لصحتنا النفسية ولمواصلة التغيير ، الأول هو منح أنفسنا مزيد من الوقت للمكاشفة مع الذات والاجتهاد في ذلك ، والثاني هو منح أنفسنا فرصا أخرى.

فأسخف ما يمكننا فعله هو الشعور بالعجز أمام هذا الكم الهائل من الإحباط اليومي وتراكمات العمل ،اعرف جيدا ذلك الشعور الناتج عن ذلك.

لكننا دوما بحاجة إلى نقطة ، وسطر جديد لنبدأ من عنده.