Tuesday, May 27, 2008

مفاتيح الحب

يشغلني هذه الأيام موضوع الحب ، الحب كموضوع أساسي في حياة الكثيرين ، أتذكر عبارة أشرف عبد الباقي فى فيلم "حب البنات" حين كان يقول "كل مشاكلنا مرتبطة بالحب ، فى ناس مش عارفه تحب وناس مش عارفه تستقبل حب الناس ليها" .

أتأمل في سنوات عمري السابقة لأكتشف أن أكثر ما كان يشغلني بحق هو الحب .

تسألني صديقة منذ أيام عن معنى الحب؟ ..يحتار المرء أن يجد له تعريفا يقبله العقل والوجدان .

أعرف أن الحب كما تعرفه كتب ومراجع علم النفس هو مجموعة من الأفكار والمشاعر والأفعال التي ترتبط برغبة كلا الطرفين في الدخول في علاقة حميمة مع الطرف الآخر وتوثيق وتقوية هذه العلاقة .

لكنني عرفته لها على انه تلك الحالة الناتجة عن ذوبان كل منا في الآخر ، أن يفاجئني في الصباح بورده يضعها بجوار رأسي ويقبلني ، أن نتلاحم جسديا في مساءات مختلفة بنعومة تليق به .

ظللت أتأمل في المفارقة بين المفهومين ، الحب كما تصوره لنا الدراما وكما تحلم به الفتيات وتنام عليه كل ليلة ، والحب كما تعرفه النظريات .

الواقع أن نتاج تلك المفارقة هو إحباط نعيشه ليظلل على علاقاتنا بمن نحب، علمتني الخبرة والعمل في المجال أن أصدق النظريات وتطبيقاتها في حياتنا اليومية .

يظل مفهوم القبول الغير مشروط مفهوما سحريا يفتح لي الأبواب المغلقة ، " أنا أقبلك وأحبك رغم أنك لا تضع لي وردة كل صباح بجوار رأسي" .

"الزواج مليء بالتنازلات من قبل المرأة"

تتردد هذه العبارة أمامي كثيرا، اتامل في معناها وأقارن بين مفهومي التنازل والقبول الغير مشروط .

ربما يختلف كل من المفهومين عن الآخر ، فالتنازل يحمل ضغطا نفسيا بداخلنا نكبته فى حالة عدم تصالحنا مع ذاتنا والآخر لتخرج عبارة " دوما أضحى من أجلك" .

بينما القبول غير المشروط يحمل وعيا وتسامحا وتصالحا مع الذات والآخر .

مررت بخبرة ذاتية في التعامل مع هذين المفهومين .

فآلية التنازل حملت داخلي مشاعر غضب فظيعة كادت أن تقتل العلاقة ، بينما آلية القبول الغير مشروط حولت هذا الغضب إلى نسائم هادئة تتخلل العلاقة لتظلل عليها.

أن تفهم ذاتك وطريقة تعاملك ، وتميز بين كونك تتنازل أم تقبل شريكك بلا شروط شيئا صعبا بالتأكيد ، تكمن صعوبته في عدم اعتيادنا على قيادة مشاعرنا وفهمها بشكل صحيح .

منذ أيام أخبرتني صديقة بأنها لن تقبل أن تتزوج من رجل لا يرقص بنعومة معها على أنغام أغنية تحبها ، لأن ذلك يعنى أنه لن يحترم رغباتها الصغيرة التى تعنى لها كل شيء ، وأنها تعد ذلك تنازلا.

ظللت أتأمل في كلامها وأفسره هل هو قبول غير مشروط أم تنازل كما تقول هى؟ فاكتشفت أن سياق الموقف وطبيعة من تحب هما اللذان يحددان النتيجة .

فأن تحب شخص يقبلك هو الآخر ويتسامح مع كونك لا تشبهه ولا تشبه أحلامه ، فهذا يعنى أنك تتجه إلى القبول الغير مشروط .

يعنى ذلك أن القبول غير المشروط علاقة دينامكية بين طرفين يختاران نفس البديل .

لكن في ظل ذلك عليهما أن لا ينسوا مفتاح آخر في غاية الأهمية ألا وهو النية في التغيير ، فليس معنى أنني أقبلك واحبك كما أنت أنني سأوافق على كل تصرفاتك وأحبها طوال الوقت .

ولأنك تقبلني أنت الأخر كما أنا فكلانا سيحاول أن يتغير – أن يدخل في تلك الدائرة الا نهائية من التغيير ليخرج إنسانا جديدا يستحق كل هذا الحب من الطرف الآخر .